الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)
لقد جاء هذا النص عقب وقوع نتائج للشورى تبدو في ظاهرها خطيرة مريرة! فقد كان من جرائها ظاهرياً وقوع خلل في وحدة الصف المسلم! اختلفت الآراء. فرأت مجموعة أن يبقى المسلمون في المدينة محتمين بها حتى إذا هاجمهم العدو قاتلوه على أفواه الأزقة. وتحمست مجموعة أخرى فرأت الخروج للقاء المشركين. وكان من جراء هذا الاختلاف ذلك الخلل في وحدة الصف. إذ عاد عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الجيش والعدو على الأبواب- وهو حدث ضخم وخلل مخيف- كذلك بدا أن الخطة التي نفذت لم تكن- في ظاهرها- أسلم الخطط من الناحية العسكرية. إذ أنها كانت مخالفة للسوابق في الدفاع عن المدينة- كما قال عبد الله ابن أبي- وقد اتبع المسلمون عكسها في غزوة الأحزاب التالية فبقوا فعلاً في المدينة وأقاموا الخندق ولم يخرجوا للقاء العدو. منتفعين بالدرس الذي تلقوه في أحد!ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهل النتائج الخطيرة التي تنتظر الصف المسلم من جراء الخروج. فقد كان لديه الإرهاص من رؤياه الصادقة التي رآها والتي يعرف مدى صدقها. وقد تأولها قتيلاً من أهل بيته وقتلى من صحابته وتأول المدينة درعاً حصينة.. وكان من حقه أن يلغي ما استقر عليه الأمر نتيجة للشورى.. ولكنه أمضاها وهو يدرك ما وراءها من الآلام والخسائر والتضحيات. لأن إقرار المبدأ وتعليم الجماعة وتربية الأمة أكبر من الخسائر الوقتية.ولقد كان من حق القيادة النبوية أن تنبذ مبدأ الشورى كله بعد المعركة. أمام ما أحدثته من انقسام في الصفوف في أحرج الظروف؛ وأمام النتائج المريرة التي انتهت إليها المعركة! ولكن الإسلام كان ينشئ أمة ويربيها ويعدها لقيادة البشرية. وكان الله يعلم أن خير وسيلة لتربية الأمم وإعدادها للقيادة الرشيدة أن تربى بالشورى؛ وأن تدرب على حمل التبعة وأن تخطئ- مهما يكن الخطأ جسيماً وذا نتائج مريرة- لتعرف كيف تصحح خطأها وكيف تحتمل تبعات رأيها وتصرفها. فهي لا تتعلم الصواب إلا إذا زاولت الخطأ.. والخسائر لا تهم إذا كانت الحصيلة هي إنشاء الأمة المدربة المدركة المقدرة للتبعة. واختصار الأخطاء والعثرات والخسائر في حياة الأمة ليس فيها شيء من الكسب لها إذا كانت نتيجته أن تظل هذه الأمة قاصرة كالطفل تحت الوصاية. إنها في هذه الحالة تتقي خسائر مادية وتحقق مكاسب مادية. ولكنها تخسر نفسها وتخسر وجودها وتخسر تربيتها وتخسر تدريبها على الحياة الواقعية. كالطفل الذي يمنع من مزاولة المشي- مثلاً- لتوفير العثرات والخبطات. أو توفير الحذاء!كان الإسلام ينشئ أمة ويربيها ويعدها للقيادة الراشدة. فلم يكن بد أن يحقق لهذه الأمة رشدها ويرفع عنها الوصاية في حركات حياتها العملية الواقعية كي تدرب عليها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبإشرافه.ولو كان وجود القيادة الراشدة يمنع الشورى ويمنع تدريب الأمة عليها تدريباً عملياً واقعياً في أخطر الشؤون- كمعركة أحد التي قد تقرر مصير الأمة المسلمة نهائياً وهي أمة ناشئة تحيط بها العداوات والأخطار من كل جانب- ويحل للقيادة أن تستقل بالأمر وله كل هذه الخطورة- لو كان وجود القيادة الراشدة في الأمة يكفي ويسد مسد مزاولة الشورى في أخطر الشؤون لكان وجود محمد صلى الله عليه وسلم ومعه الوحي من الله سبحانه وتعالى- كافياً لحرمان الجماعة المسلمة يومها من حق الشورى!- وبخاصة على ضوء النتائج المريرة التي صاحبتها في ظل الملابسات الخطيرة لنشأة الأمة المسلمة. ولكن وجود محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الوحي الإلهي ووقوع تلك الأحداث ووجود تلك الملابسات لم يلغ هذا الحق. لأن الله- سبحانه- يعلم أن لابد من مزاولته في أخطر الشؤون ومهما تكن النتائج ومهما تكن الخسائر ومهما يكن انقسام الصف ومهما تكن التضحيات المريرة ومهما تكن الأخطار المحيطة.. لأن هذه كلها جزئيات لا تقوم أمام إنشاء الأمة الراشدة المدربة بالفعل على الحياة؛ المدركة لتبعات الرأي والعمل الواعية لنتائج الرأي والعمل.. ومن هنا جاء هذا الأمر الإلهي في هذا الوقت بالذات:{فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}..ليقرر المبدأ في مواجهة أخطر الأخطار التي صاحبت استعماله؛ وليثبت هذا القرار في حياة الأمة المسلمة أياً كانت الأخطار التي تقع في أثناء التطبيق؛ وليسقط الحجة الواهية التي تثار لإبطال هذا المبدأ في حياة الأمة المسلمة كلما نشأ عن استعماله بعض العواقب التي تبدو سيئة ولو كان هو انقسام الصف كما وقع في أحد والعدو على الأبواب.. لأن وجود الأمة الراشدة مرهون بهذا المبدأ. ووجود الأمة الراشدة أكبر من كل خسارة أخرى في الطريق!على أن الصورة الحقيقية للنظام الإسلامي لا تكمل حتى نمضي مع بقية الآية؛ فنرى أن الشورى لا تنتهي أبداً إلى الأرجحة والتعويق ولا تغني كذلك عن التوكل على الله في نهاية المطاف:{فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين}..إن مهمة الشورى هي تقليب أوجه الرأي واختيار اتجاه من الاتجاهات المعروضة فإذا انتهى الأمر إلى هذا الحد انتهى دور الشورى وجاء دور التنفيذ.. التنفيذ في عزم وحسم وفي توكل على الله يصل الأمر بقدر الله ويدعه لمشيئته تصوغ العواقب كما تشاء.وكما ألقى النبي صلى الله عليه وسلم درسه النبوي الرباني، وهو يعلم الأمة الشورى، ويعلمها إبداء الرأي، واحتمال تبعته بتنفيذه، في أخطر الشؤون وأكبرها.كذلك ألقى عليها درسه الثاني في المضاء بعد الشورى، وفي التوكل على الله وإسلام النفس لقدره- على علم بمجراه واتجاهه- فأمضى الأمر في الخروج ودخل بيته فلبس درعه ولأمته- وهو يعلم إلى أين هو ماض وما الذي ينتظره وينتظر الصحابة معه من آلام وتضحيات.. وحتى حين أتيحت فرصة أخرى بتردد المتحمسين، وخوفهم من أن يكونوا استكرهوه صلى الله عليه وسلم على ما لا يريد وتركهم الأمر له ليخرج أو يبقى.. حتى حين أتيحت هذه الفرصة لم ينتهزها ليرجع. لأنه أراد أن يعلمهم الدرس كله. درس الشورى. ثم العزم والمضي. مع التوكل على الله والاستسلام لقدره. وأن يعلمهم أن للشورى وقتها ولا مجال بعدها للتردد والتأرجح ومعاودة تقليب الرأي من جديد. فهذا مآلة الشلل والسلبية والتأرجح الذي لا ينتهي.. إنما هو رأي وشورى. وعزم ومضاء. وتوكل على الله، يحبه الله:{إن الله يحب المتوكلين}..والخلة التي يحبها الله ويحب أهلها هي الخلة التي ينبغي أن يحرص عليها المؤمنون. بل هي التي تميز المؤمنين.. والتوكل على الله ورد الأمر إليه في النهاية هو خط التوازن الأخير في التصور الإسلامي وفي الحياة الإسلامية. وهو التعامل مع الحقيقة الكبيرة: حقيقة أن مرد الأمر كله لله وأن الله فعال لما يريد..لقد كان هذا درساً من دروس أحد الكبار. هو رصيد الأمة المسلمة في أجيالها كلها وليس رصيد جيل بعينه في زمن من الأزمان..ولتقرير حقيقة التوكل على الله وإقامتها على أصولها الثابتة يمضي السياق فيقرر أن القوة الفاعلة في النصر والخذلان هي قوة الله فعندها يلتمس النصر ومنها تتقى الهزيمة وإليها يكون التوجه وعليها يكون التوكل بعد اتخاذ العدة ونفض الأيدي من العواقب وتعليقها بقدر الله:{إن ينصركم الله فلا غالب لكم وأن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون}..إن التصور الإسلامي يتسم بالتوازن المطلق بين تقرير الفاعلية المطلقة لقدر الله- سبحانه- وتحقق هذا القدر في الحياة الإنسانية من خلال نشاط الإنسان وفاعليته وعمله.. إن سنة الله تجري بترتيب النتائج على الأسباب. ولكن الأسباب ليست هي التي تنشئ النتائج. فالفاعل المؤثر هو الله. والله يرتب النتائج على الأسباب بقدره ومشيئته.. ومن ثم يطلب إلى الإنسان أن يؤدي واجبه وأن يبذل جهده وأن يفي بالتزاماته. وبقدر ما يوفي بذلك كله يرتب الله النتائج ويحققها.. وهكذا تظل النتائج والعواقب متعلقة بمشيئة الله وقدره. هو وحده الذي يأذن لها بالوجود حين يشاء وكيفما يشاء.. وهكذا يتوازن تصور المسلم وعمله. فهو يعمل ويبذل ما في طوقه؛ وهو يتعلق في نتيجة عمله وجهده بقدر الله ومشيئته.ولا حتمية في تصوره بين النتائج والأسباب. فهو لا يحتم أمراً بعينه على الله!وهنا في قضية النصر والخذلان بوصفهما نتيجتين للمعركة- أية معركة- يرد المسلمين إلى قدر الله ومشيئته؛ ويعلقهم بإرادة الله وقدرته: إن ينصرهم الله فلا غالب لهم. وأن يخذلهم فلا ناصر لهم من بعده.. وهي الحقيقة الكلية المطلقة في هذا الوجود. حيث لا قوة إلا قوة الله ولا قدرة إلا قدرته ولا مشيئة إلا مشيئته. وعنها تصدر الأشياء والأحداث.. ولكن هذه الحقيقة الكلية المطلقة لا تعفي المسلمين من اتباع المنهج وطاعة التوجيه والنهوض بالتكاليف وبذلك الجهد والتوكل بعد هذا كله على الله:{وعلى الله فليتوكل المؤمنون}..وبذلك يخلص تصور المسلم من التماس شيء من عند غير الله؛ ويتصل قلبه مباشرة بالقوة الفاعلة في هذا الوجود؛ فينفض يده من كل الأشباح الزائفة والأسباب الباطلة للنصرة والحماية والالتجاء؛ ويتوكل على الله وحده في أحداث النتائج وتحقيق المصاير وتدبير الأمر بحكمته وتقبل ما يجيء به قدر الله في اطمئنان أياً كان.إنه التوازن العجيب الذي لا يعرفه القلب البشري إلا في الإسلام.ثم يعود إلى الحديث عن النبوة وخصائصها الخلقية؛ ليمد من هذا المحور خيوطاً في التوجيه للأمانة والنهي عن الغلول والتذكير بالحساب وتوفية النفوس دون إجحاف:{وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}..ولقد كان من بين العوامل التي جعلت الرماة يزايلون مكانهم من الجبل خوفهم ألا يقسم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم! كذلك كان بعض المنافقين قد تكلموا بأن بعض غنائم بدر من قبل قد اختفت؛ ولم يستحوا أن يهمسوا باسمه صلى الله عليه وسلم في هذا المجال.فهنا يأتي السياق بحكم عام ينفي عن الأنبياء عامة إمكان أن يغلوا.. أي أن يحتجزوا شيئاً من الأموال والغنائم أو يقسموا لبعض الجند دون بعض، أو يخونوا إجمالاً في شيء:{وما كان لنبي أن يغل}..ما كان له. فهو ليس من شأنه أصلاً ولا من طبعه ولا من خلقه. فالنفي هنا نفي لإمكان وقوع الفعل. وليس نفياً لحله أو جوازه. فطبيعة النبي الأمينة العادلة العفيفة لا يتأتي أن يقع منها الغلول ابتداء.. وفي قراءة: يُغلّ على بناء الفعل لغير الفاعل. أي لا يجوز أن يخان. ولا أن يخفي عنه أتباعه شيئاً.. فيكون نهياً عن خيانة النبي في شيء. وهو يتمشى مع عجز الآية. وهي قراءة الحسن البصري.ثم يهدد الذين يغلون ويخفون شيئاً من المال العام أو من الغنائم ذلك التهديد المخيف:{ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة.ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}..روى الإمام أحمد. حدثنا سفيان عن الزهري سمع عروة يقول: حدثنا أبو حميد الساعدي قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتيبة. على الصدقة. فجاء فقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: «ما بال العامل نبعثه على عمل فيقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي. أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده. لا يأتي أحدكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته وإن بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر».. ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه. ثم قال: «اللهم هل بلغت؟»- ثلاثاً-.. (وأخرجه الشيخان) وروى الإمام أحمد بإسناده عن أبي هريرة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فذكر الغلول، فعظمه وعظم أمره. ثم قال: «لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت. فيقول: يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك».. (وأخرجه الشيخان من حديث أبي حيان)..وروى الإمام أحمد- بإسناده- عن عدي بن عميرة الكندي. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس. من عمل لنا منكم عملاً فكتمنا منه مخيطا فما فوقه فهو غل يأتي به يوم القيامة».. قال: فقام رجل من الأنصار أسود- قال مجاهد: هو سعد بن عبادة كأني أنظر إليه- فقال: يا رسول الله، أقبل مني عملك. قال: وما ذاك؟ قال: سمعتك تقول: كذا وكذا. قال: وأنا أقول ذلك الآن. من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره. فما أوتي منه أخذه؛ وما نهي عنه انتهى. (ورواه مسلم وأبو داود من طرق عن إسماعيل بن أبي رافع)..وقد عملت هذه الآية القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة عملها في تربية الجماعة المسلمة؛ حتى أتت بالعجب العجاب؛ وحتى أنشأت مجموعة من الناس تتمثل فيهم الأمانة والورع والتحرج من الغلول في أية صورة من صوره كما لم تتمثل قط في مجموعة بشرية.وقد كان الرجل من أفناء الناس من المسلمين يقع في يده الثمين من الغنيمة لا يراه أحد فيأتي به إلى أميره لا تحدثه نفسه بشيء منه خشية أن ينطبق عليه النص القرآني المرهوب وخشية أن يلقى نبيه على الصورة المفزعة المخجلة التي حذره أن يلقاه عليها يوم القيامة! فقد كان المسلم يعيش هذه الحقيقة فعلاً. وكانت الآخرة في حسه واقعاً، وكان يرى صورته تلك أمام نبيه وأمام ربه، فيتوقاها ويفزع أن يكون فيها. وكان هذا هو سر تقواه وخشيته وتحرجه. فالآخرة كانت حقيقة يعيشها لا وعداً بعيداً! وكان على يقين لا يخالجه الشك من أن كل نفس ستوفى ما كسبت وهم لا يظلمون..روى ابن جرير الطبري في تاريخه قال: لما هبط المسلمون المدائن وجمعوا الأقباض أقبل رجل بحق معه فدفعه إلى صاحب الأقباض. فقال والذين معه: ما رأينا مثل هذا قط ما يعدله ما عندنا ولا يقاربه. فقالوا: هل أخذت منه شيئاً؟ فقال: أما والله لولا الله ما آتيتكم به. فعرفوا أن للرجل شأناً. فقالوا: من أنت؟ فقال: لا والله لا أخبركم لتحمدوني ولا غيركم ليقرظوني! ولكني أحمد الله وأرضى بثوابه. فأتبعوه رجلاً حتى انتهى إلى أصحابه فسأل عنه فإذا عامر بن عبد قيس..وقد حملت الغنائم إلى عمر رضي الله عنه بعد القادسية وفيها تاج كسرى وإيوانه لا يقومان بثمن.. فنظر رضي الله عنه إلى ما أداه الجند في غبطة وقال: إن قوماً أدوا هذا لأميرهم لأمناء..وهكذا ربى الإسلام المسلمين تلك التربية العجيبة التي تكاد أخبارها تحسب في الأساطير.ثم يستطرد السياق- في معرض الحديث عن الغنائم والغلول- يوازن بين القيم.. القيم الحقيقية التي يليق أن يلتفت إليها القلب المؤمن وأن يشغل بها:{أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون}..إنها النقلة التي تصغر في ظلها الغنائم ويصغر في ظلها التفكير في هذه الأعراض. وهي لمسة من لمسات المنهج القرآني العجيب في تربية القلوب ورفع اهتماماتها وتوسيع آفاقها وشغلها بالسباق الحقيقي في الميدان الأصيل.
|